مراجعة كتاب/ لأنك الله
بدأت قراءة الكتاب حين بدأ الفني إصلاح الثلاجة، قرر أن الثلاجة بحاجة لـ(شحن) فريون، قام بعمله وذهب في حال سبيله، أما ما حصل في الأيام التالية، فقد كان عملية (شحن)، لكن الفرق أن الشحن الأول كان (مادي) أما الثاني فهو (روحي).
.
هذا أحد الكتب الشائعة، حصل على عدد كبير من التقييمات في المنصات الرقمية ونال شهرة واسعة، وبعد قراءته تبين السبب، إنه كتاب يهدف إلى إحداث تغيير داخلي، يعالج مسألة (الإيمان بالله)، فالإيمان أصبح عملة نادرة في هذا الزمان، ذلك أن عصرنا يتميز بتقدم في وسائل الاتصال والتواصل، وكثرةٍ في المنتجات والخدمات، إن الحياة ترغمنا على الانشغال بها، كما أن التطور العلمي أصابنا بغشاوة على قلوبنا أعمتنا عن أهم حقيقة، عن أن الفاعل الحق هو الله، وأن كل ما نشاهده من حولنا إنما هي مخلوقات مسخرة تأتمر بأمره سبحانه وبحمده، فالله هو من يشفي لا الطبيب، والله هو من يرزق لا الوظيفة، فنحن نسعى ونتداوى ونبذل السبب، لكن القلب يجب أن يتجه بكُلّيّته إلى الله، وهذا ما لا يحدث في أغلب الأحوال.
.
إنه الإيمان بالله، ذلك الترياق الذي يضمد الجروح ويشفي القروح، الحصن الذي يضمن لنا السعادة في الدنيا والفوز في الأخرى، إنه الإيمان الذي لا توجد عنه كتب كثيرة أو أدبيات عديدة، صحيح أن هنالك (كتب العقيدة) والتي -للأسف- لا يقرأها إلا طلاب العلم الشرعي، أما الإنسان العادي فهو بحاجة لمثل هذا الكتاب الذي بين أيدينا، فهو يقدم له (علم الإيمان) على طبق التجربة والمثال، يربط الإيمان بالحياة وأحداثها اليومية.
.
يتطرق الكتاب لبعض أسماء الله وصفاته، لكنه لا يتحدث عنها بطريقة علمية رسمية، بل يخاطب القارئ مخاطبة الصديق الناصح، إنه يتحدث عن أسماء الله حديثًا عمليًا واقعيًا، عن تأثير تلك الأسماء في نفسك وعلى حياتك، ولأجل ذلك يذكر المواقف والقصص، سواءٌ تلك التي حدثت معه أو أصدقائه أو مما قرأ وسمع.
.
بدأ الكتاب باسم الله (الصمد) فأحسن الحديث عنه، وقد أتى بكلام كثير يهز القلب ويقرب العبد من الرب (عز وجل)، ثم تلى ذلك فصولٌ أخرى لأسماءٍ منتقاه، فتحدث عن الله الشافي، وكم يحتاج كل مريض لم يبرأ من مرضه أن يقرأ هذا الفصل، وتحدث عن اسم الله (الوكيل)، وكم يرتاح القلب ويطرب حين يقرأ ذاك الكلام، وعن اسم الله (الغفور) وكذا (الشكور) وكم من أسرار تختفي خلف هذه الأسماء وغيرها.
يطرق قلبك طرقًا خفيفًا باسم الله (الحفيظ) كي تطمئن، ويذكر لك بعض القصص العجيبة حين تحدث عن اسم الله (اللطيف)، تتذكر جروحك القديمة وأحلامك البعيدة حين تقرأ عن اسم الله (الجبار)، ثم يشع صدرك بالأمل حين تقرأ عن اسم الله (الهادي)، ويختم الكتاب باسم الله (القريب) فتستشعر قربه سبحانه ويحن قلبك إليه وإلى مناجاته.
.
لغة الكتاب هي من النوع الإنشائي المباشر، يهدف المؤلف أن يساهم الكتاب في تغيير حياتك، أعترف أن الكتاب قد (شحن) قلبي بجرعة كبيرة من الإيمان، وقد قرأته في هذه الأيام المباركة (أوائل شهر رمضان) إلا أن الشحن لوحده لا يكفي، فالكلام يبقى كلام، والإيمان الحقيقي يُبنى بالعمل.
مما يعيب الكتاب التكرار، واعتماد أسلوب واحد هو الخطاب المباشر، فأنت هو المخاطب وأنت هو الملام، إلا أن هذه المعايب لم تفقده حلاوته وجماله، وبالتأكيد أنصح به وأدعو لقراءته، والحمد لله أولاً وأخيرًا.

تعليقات
إرسال تعليق