مراجعة كتاب/ الرقص مع الحياة

كتاب خفيف لطيف ممتلئ بالحكمة وأقوال الحكماء، عجبت لكثرة الاقتباسات التي فيه وتكدس المقولات التي تحتويه، مقسمٌ إلى قواعد تجاوزت الخمسين، يعيبه التكرار في المفاهيم ويميزه البساطة في الأسلوب، يستخدم الأسلوب المباشر، أسلوب المشورة والنصيحة (افعل ولا تفعل) وهو كتاب مليئ بالقيم السامية والمعاني الرفيعة التي تكفل للإنسان والبشرية أن يعيشوا في هناء وسعادة، يمكن القول أن محور جميع تلك القواعد هو مقولة (غيّر ما بنفسك يتغير عالمك).

.

كتب المؤلف في واجهة مدونته هذه العبارة عن نفسه (إني أبحث منذ سنين عن الأسرار الخفية والمفاتيح الصغيره للسعاده، وكيف نجعل من خطرات البهجه التي تمر علينا مرالسحاب أن تبقى وتدوم)، ومؤلف هذا الكتاب (وستة كتب أخرى) هو مهدي الموسوي، وهذا الكتاب إن دل على شيء، فهو يدل على أن مؤلفه قارئ مطلع يبحث عن الحكمة في الثقافات المختلفة والكتب المتنوعة.

.

يصعب عليّ أن أقتبس مقولات من الكتاب، لأن معظمه اقتباسات، ولا يعني هذا أنه عباراة عن تجميع لأقوال الآخرين فحسب، بل الكاتب له الحظ الأكبر وعباراته هي الأكثر (أو ربما النصف)، والتي هي عبارات مختصرة وفقرات مركزة، لذلك يمكن الاحتفاظ بهذا الكتاب كمرجع للمقولات المتنوعة عن الحياة والسعادة، مقولات لشخصيات كثيرة من الشرق والغرب.

.

وعلى الرغم من تنوع الشخصيات التي اقتبس منها الكاتب، إلا أني لا أتذكر أني قرأت حديثًا لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) في الكتاب، وبغض النظر عن دين المؤلف أو توجهه، فهو منفتحٌ على الحكمة أيًا كان مصدرها، ويحب الأقوال الحكيمة التي تهتم بإصلاح النفس ونشر الخير والرحمة والتعاطف، والمطلع على إرث النبي الكريم محمد يعلم أنه مليئ بالأقوال في هذا الجانب، فكان من الإنصاف الاسترشاد بهدي نبي العالمين (وليس المسلمين فقط) وإيراد بعض أقواله.

.

انتقد البعض الكتاب بأنه مثالي جدًا، وأنه من كتب التنمية البشرية المليئة بالكلام النظري البعيد عن الواقع، وكلامهم صحيح نسبيًا، لكن ما يميز هذا الكتاب عن غيره أنه يتطرق للأمور الجوهرية في النفس البشرية (الأخلاق والطبائع) أما العيب الواضح من وجهة نظري فيكمن في التقسيم والترابط، فقد احتوى الكتاب على 55 قاعدة، وكان يمكن دمجها واختصارها إلى أقل من ذلك بكثير، وليس هنالك ترتيب معين أو تنظيم محدد لمحتوى الكتاب، إنما خواطر صغيرة متناثرة، لذلك هو من الكتب الخفيفة التي تُقرأ في أوقات متقطة دون الحاجة لجهد أو تركيز.

.

إضافة:
أفادني أحد الأصدقاء أن البعض يُحذّر من هذا الكتاب، كونه يروج لما يسمى بـ(الروحانيات الجديدة)، ثم وقفت مع نفسي محاولاً تذكر بعض ما قرأت في الكتاب، صحيح أنه بعيد عن القرآن الذي هو (أصل كل روحانية) وعن سنة النبي الكريم التي هي (أكبر دليل إرشادي لسير القلوب إلى الله) لكن أغلب محتوى الكتاب هو من الكلام الطيب الذي لا يتعارض مع كتاب الله وسنته، هنالك بعض الهفوات القليلة هنا وهناك، ولا يخلو أي عمل بشري من العيب والنقص، والمؤمن الحقيقي لا تضره هذه الهفوات لأن لديه ميزان لا يحيد ومعتقد لا يخيب، فالقرآن هو نبراسه، ومن كان القرآن نبراسه فلن يضل أو يغوى، فالمشكلة إذن ليست في قراءة الكتب إنما المشكلة في الإيمان الضعيف، فصاحب الإيمان الضعيف يمكن أن تغويه الأفكار والآراء أيًا كان قالبها، سواءً أتت عبر كتاب أو مقطع فيديو أو أتت طائرة في الهواء من فم رائحٍ أو غاد، والأولى أن ندعو الناس لتقوية إيمانهم لا أن نحذرهم من الكتب والأفكار.
ومع ذلك: يجب الحذر عند قراءة هذا الكتاب وأي كتاب بشري آخر، يجب أن تقرأ بعقلية الناقد، أن تقرأ على بصيرة، أن تزن أي كلام يصلك وتُعمل فيه عقلك

هذا أحدهم قد أشار إلى المخالفات الوجودة في الكتاب:

https://twitter.com/aymanangry/status/1309812516260900864

-------

(استمعت إليه عبر تطبيق ستوري تل)


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مراجعة كتاب/ قصص من الحياة - علي الطنطاوي

مراجعة كتاب/ أنا قادم أيها الضوء

مراجعة كتاب/ حياة الذاكرين - عمرو خالد