مراجعة كتاب/ أزواج وزوجات

 لم يشجعني عنوان الكتاب على قراءته في البداية، لكن، وكما يقولون: لا تحكم على الكتاب من غلافه، والحقيقة أن الكتاب أعجبني وتمنيت أن لا ينتهي، وخاصة أنني قرأته استماعًا عبر تطبيق (اقرأ لي)، فكنت أتجول في الشوارع أشاهد المنازل من خارجها، وأستمع بأذني لما يدور بداخلها، أو داخل بعضها، وهي قصص واقعية تدور حول مشاكل الزواج وأحزان الأزواج.

جَمَعَ عبدالوهاب مطاوع، محرر بريد الجمعة في جريدة الأهرام سابقًا، بعض القصص المميزة ووضعها في هذا الكتاب، فهو عبارة عن رسائل بعثها أصحابها، أزواج وزوجات، إلى الكاتب ذي القلم العذب والفكر المستنير، فرد عليهم نُصحًا ومشورة، وأغلب الظن أنه أعاد صياغة تلك الرسائل وصبغ عليها أسلوبه الأدبي المميز.

لكن ما فائدة الكتاب، وهل من الحكمة أن نضيع أوقاتنا في قراءة المشاكل الزوجية؟ نعم هنالك حكمة وفائدة عظيمة، لأن قراءة مثل هذه الكتب يفيد من ناحيتين، في تنمية شعور الرضى، وفي اكتساب خبرات من تجارب الآخرين، فإن كنت شابًا أو حديث الزواج، فما يختبئ بين سطور الرسائل يعلمك دروسًا ثمينة، ويعطك خبرة يمكن بها أن تتجنب مشاكل ومحنًا في مسيرتك الأسرية.

أما شعور الرضى، فكما يقال: من عرف مصيبة الآخرين، هانت عليه مصيبته، والكثير منا لا يعجبه شيء أو أشياء في شريكه أو شريكته، لا أحد كامل، النواقص تحيط بنا، والحياة تتنغص حين يركز كل طرف على أخطاء الطرف الآخر ويعمى عن كل جوانبه الحسنة، فيظن أنه تعيس في زواجه ويندب حظه، ولهؤلاء أقول: اقرأوا هذا الكتاب واسمحوا لألسنتكم بأن تلهج بحمد الله ولقلوبكم بأن تمتلئ بالامتنان.

إذن، هو كتاب رسائل مع ردودها، مشاكل زوجية مع اقتراحات حلولها، لكنها ليست مشاكل عادية، بل قصص تسترعي الانتباه، وتساعد العقل أن يتعمق في التفكّر في هذا الإنسان، وفي هذا الرباط المقدس الذي يسمى الزواج، الزواج الذي هو مدرسة ندخلها متلهفين ثم نتعلم فيها الحب والعطف والتضحية، نتعلم فيها الدروس الضرورية للنضج والارتقاء.

إنك تشعر -وأنت تقرأ هذا الكتاب- بالدفئ والألفة، فأصحاب الرسائل يفتحون قلوبهم ويحكون عن مشاكلهم، وتجد أحدهم يقوم بكتابة رسالة أخرى يعزي فيها صاحب الرسالة الأولى، وليست كل الرسائل مشاكل ومآسي، بل بعضها مليئ بالبهجة والنماذج الناجحة لحياة أسرية دافئة، أو قصص نجاح مميزة لأسر سعيدة.

مع ذلك، تبقى أحكامنا عرجاء، لأن هذه القصص تحكي لنا الحقيقة من جانبٍ واحد، قد يكون الراوي صادقا في كلامه، ومع ذلك يجب أن نسمع من الطرف الآخر حتى تكتمل لنا الصورة، وحتى إن تم ذلك، فيبقى الإنسان محدود لا يستطيع أن يحيط بأي قضية إحاطة كاملة، والمحيط هو الله عز وجل، لذلك فهو من يحكم بين عباده فيما يختلفون فيه، وهو من ترد إليه الأمور كلها، هو الذي يعلم بحق من هو المحسن ومن هو الصابر، وهو من يجزي الصابرين أجرهم بغير حساب، فكل هذه القصص عنده في كتاب، وكلنا آتيه يوم القيامة فرادا، فهنيئًا لمن صبر لشريكه وغفر، هنيئًا لمن أحسن العشرة وعامل الآخر بالرحمة، هنيئًا لمن نجح في ابتلاء (الزواج) فنمى به وارتقى.

بعض القصص التي علقت في ذهني:

قصة عجيبة لامرأة فقدت الأمل في الحمل، ثم بعد 15 عاما يرزقهما الله بتوأم، ومن هنا تبدأ المشكلة، حيث تبدأ الزوجة بالاهتمام المبالغ بطفليها، والخوف الغير مبرر عليهما، حتى أصبحت تخاف عليهما من أبيهما، ثم تقترح على زوجها ان يتزوج ويتركها تربي الطفلين.

أما القصة التي جعلتني أكركر ضاحكًا، هي التي عنون الكتاب بها (صراع الديكة) فقد سرد الزوج مشكلته حتى وصل إلى فقرة (اللكمات المتبادلة) فضحكت رغمًا عني.

وهنالك قصة أفارت الدم في عروقي، والتي لا أظن إلا أنها من خيال امرأة كارهة للرجال، فقد وردت على لسان زوج يشتكي من زوجته، وأثناء هذه الشكوى يخبرنا بالفضائع التي فعلها فيها، فكانت تأليبًا عليه بدلاً من أن تكون دافعًا عنه، فهل يمكن أن يدين المرئ نفسه بنفسه؟

ومع ذلك فهنالك من أدان نفسه بكلماته قاصدًا متعمدًا، مثل قصة المرأة التي قالت أنها (قتلت زوجها) عبر تصرفاتها وقسوتها معه، فكانت رسالتها نوعًا من أنواع التطهير كي يرتاح ضميرها.

وغيرها من القصص العجيبة والحكايات الغريبة.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مراجعة كتاب/ قصص من الحياة - علي الطنطاوي

مراجعة كتاب/ أنا قادم أيها الضوء

مراجعة كتاب/ حياة الذاكرين - عمرو خالد