كتاب الطريق إلى القرآن - ابراهيم السكران
أنهيت قراءة كتاب (الطريق إلى القرآن) لـ/ ابراهيم السكران، ومن قبله قرأت (مسلكيات) لنفس المؤلف، وقد لاحظت تغير في شيء مهم في حياتي بعد قراءة الكتاب الثاني، ثم جلست أفكر، كيف أن لهذه الكتب الإيمانية أثر عملي، ليست مجرد معلومات تثري عقولنا، أما التأثير الذي أحدثه الكتاب فقد كان في (صلاتي).
لا أعتقد أن هنالك أحد راضٍ عن صلاته، حتى إن كنتَ أعبد العابدين فستجد أنك (ما قدرت الله حق قدره) ولا تأدبت معه حين لقائه خمس مرات كل يوم، والناس في تفاوت، البعض يهمل ويقطّع صلاته، ويريد أن يلتزم بها، والبعض يصليها في البيت ويرغب أن يصليها في المسجد، والبعض يتأخر عن صلاة الجماعة ويريد أن يكون أكثر التزاما، هذا فيما يخص ظاهر الصلاة، أما الباطن (وهو الأهم) فالجميع غير راضٍ عن مستوى الخشوع الذي يليق بلقاء ملك الملوك، أما من لا يكترث لإصلاح صلاته أو يعتقد انه يؤدي ما عليه وليس ثمة شيء يحتاج لتحسين، فهذا للأسف قد غطت الغفلة على قلبه وإن كان ممن يصلي ويحضر الجماعات، نسأل الله أن يتوب علينا ويوقظ قلوبنا.
موضوعنا اليوم ليس (الصلاة) ولكن (القراءة) نعم كما سمعت، فكم من صديق أعرفه لا يقرأ، صحيح أنه يقرأ (منشورات) لكنه لا يقرأ الكتب النافعة، والبعض يقرأ الروايات والقصص (وليس في ذلك بأس) لكنه لا يتوجه للكتب المهمة التي تؤثر على حياته العملية، سواءً علاقته مع الله (أهم شيء على الإطلاق) أو علاقته بالحياة والناس.
أريد أن أعتب على هؤلاء الأصدقاء وأقول لهم، هاكم تجربة عملية، لقد أصبح هنالك فرق ملحوظ في جودة صلاتي بين ما قبل قراءة الكتاب وما بعد القراءة، الفضل كله لله طبعا، ليس الهدف هو الاستعراض ولكنها النصيحة النابعة من قلب محب لكم؛ لو تعلمون كم يفوتكم حين تمضي عليكم الأيام دون قراءة.
أما الكتاب الذي أنهيته مؤخرًا (الطريق إلى القرآن) فهو أيضًا يحض على القراءة، لكنها القراءة الأساسية التي بدونها يضيع الإنسان ويتوه في دهاليز الحياة، وليست مجرد قراءة، بل قراءة وتدبر وعمل، تقرأ من أجل الهداية ومن اجل تغيير حياتك لتوافق ما يحبه الله، وهذا الكتاب فيه لمسات جميلة ومواعظ بليغة تحفزك لقراءة وتدبر القرآن الكريم.
لدي صديق -أيضًا- لا يقرأ القرآن، وحين أنصحه يقول أنه يذكر الله، وذكر الله أمر عظيم، لكن الأهم من ذلك هو (الذكر المبين)، النور الذي به يشرق قلبك من الداخل، ودعني أعطيك -أيها الصديق- تلميحة بسيطة:
أتدري، حين تردد بلسانك (سبحان الله) فقيمة هذه الكلمة يتحدد بناءً على ما في قلبك من معرفة لله وتعظيم له، لكن كيف يا ترى تتعرف على الله؟ من أين تستقي هذا الفرع المهم من العلم، لحسن الحظ هنالك كتاب مُرسل من صاحب الشأن نفسه، أنزله إلينا كي نعرفه به، فلا بد ويجب وضروري أن يكون لك ورد يومي لتدبر القرآن الكريم.
لنختم هذه المقالة بالحديث عن هذا الكتاب (الطريق إلى القرآن) والذي أنصح كل من يقرأ كلامي أن يتوجه مباشرة لشرائه أو تحميله ويبدأ بالقراءة عبر هاتفه في أوقات فراغه (رابط التحميل في الأسفل)، يكفي أن تخصص له نصف أو ثلث ساعة كل يوم في وقت فراغك وسوف تنهيه في بضعة أيام.
الكتاب في 118 صفحة، وهو عبارة عن مقالات عن القرآن الكريم، كتبت بصياغة سهلة وبمشاعر فياضة، وفيه حسرات على حالنا وتعاملنا مع القرآن الكريم، فيه صور مشرقة من حياة رجال عاشوا بالقرآن.
يشير المؤلف -في أحد المقالات- إلى أهمية اتخاذ القرآن وسيلة تربية وإصلاح للفرد، كيف أن له سطوة على القلوب وتأثيرًا ليس له مثيل، ولا يمكن لأي كتاب بشري مهما كان مؤثرًا أن يقترب من قوة تأثير القرآن.
لذلك، وهذه دعوة للآباء والأمهات، أفضل وسيلة لتربية أولادكم وغرس القيم في حياتهم هي عبر القرآن، ابتداءً من تعليم الطفل كيف يقرأ بشكل صحيح، ثم حين يكبر يكون له ورد يومي بصحبة أبيه أو أمه، مع الحث والتوجيه للتفكير والتدبر، وهكذا يصبح الشاب مرتبطًا بكتاب الله، فإن انطلق في شعاب الحياة فلا خوفٌ عليه ولا هو يحزن ان شاء الله.
أما المقالة التي كانت في الصميم -من وجهة نظري- فهي الأخيرة بعنوان (الحبل الناظم في كتاب الله) وهو موضوع بالغ الأهمية نحتاج أن نشيعه ونذكر به، حيث يشير المؤلف، مستندًا إلى الكثير من الآيات القرآنية، أن ما يجب أن يكون النقطة الأهم في حياة الإنسان، هو علاقته وارتباطه بالله، وأن ذكر الله هو قيمة عظمى وهدف أسمى في حياة الإنسان، ليس كما يظنه البعض مجرد فعل هامشي في الدين يهتم به الدراويش أو العاطلين، وقد أطال في هذا الموضوع وأسهب وسرد الحجج والأدلة.
وقد ختم الكاتب هذا الكتيب اللطيف، بمقالة عن التدبر، وكيف يتدبر المسلم كتاب ربه، ومما ذكر أن كل إنسان مهيأ لأن يتدبر كتاب الله، وقد أشار إلى أن الأفضل هو التدبر أولًا قبل قراءة ما في كتب التفسير، ومحاولة فهم الآية قبل العودة للنصوص المتوفرة في بواطن الكتب، وإن استشكلت عليه كلمة فليعرف معناها في كتب التفسير المختصرة أو معاجم اللغة، وإن استشكلت عليه آية فليعد إلى تلك الكتب، وقد نقل كلامًا جميلًا حول هذه النقطة للإمام ابن عثيمين (تجد هذا الاقتباس في الصفحات المدرجة أسفل هذه المقالة).
نسأل الله أن يعيننا على الارتباط بالقرآن، وأن نسعد به في الدنيا، ونفوز به يوم الدين.
اقتباسات جميلة من الكتاب/
https://drive.google.com/drive/folders/1-SeSVVOaSsFm3FaS9cZPOCY0QzSgnJM2?usp=sharing
تعليقات
إرسال تعليق