كتاب مسلكيات - ابراهيم السكران
كتاب/ مسلكيات - ابراهيم السكران
عدد الصفحات (180)
-------
قرأت سابقًا للسكران كتابه (الماجريات) وقد راقني وأحببت أن أنتقل إلى أحد وديانه الأخرى، كي أنال من زرعه وأروي العقل من جداول أنهاره، وقد كان الاختيار لهذا الكتاب (مسلكيات).
يختار المؤلف عناوين غريبة لكتبه، ويحثني الفضول على اكتشاف سبب تسمية كل كتاب، فالماجريات يقصد بها (ما جرى وما كان) أي متابعة الأخبار وخاصة السياسية، والانشغال بها وتضييع العمر في أغوارها، وقد انقلب الكتاب إلى عرض موجز لآراء مفكرين مسلمين حول السياسة بشكل عام، بل تعريفا ومدخلا للتعريف بفكر وكتب أولئك، منهم مالك بن نبي والمسيري وفريد الأنصاري، واثنان آخران.
.
أما عنوان (مسلكيات) فهي ببساطة بعض المقالات حول (مسالك) العلم والإيمان، حيث قسم المؤلف الكتاب إلى قسمين، الأول لمسلكيات العلم، وتحدث بوجه خاص عن العلم الشرعي، وفي عدة مواضيع (أو فصول) والكثير من الاستدلالات بكتب التراث والعلماء الجهابذ القدامى، والقسم الثاني عن مسلكيات (الإيمان).
.
يتحدث -في أحد الفصول- عن فائدة التأليف أثناء تحصيل العلم، وأن التأليف يفيد لتثبيت العلم أو التعمق فيه، فهنالك من يؤلف لنفسه أولا، ثم ينشر الكتاب فيكون هو المستفيد الأول، ولذلك يحث طلاب العلم على التأليف.
.
كذلك يحث المؤلفُ الإلمام بالعلوم الشرعية بجانب العلوم المعاصرة أو الواقع المعاصر، أن يتحدث طالب العلم لغة الواقع، أي أن يفهم اتجاهات الفكر وميول المجتمع، حتى يتمكن من التفاعل والتأثير.
.
تطرق القسم الثاني من الكتاب إلى مسالك في مجال الإيمان، وقد تحدث عن الصلاة وخلط ذكرياته الشخصية بأحوال بعض الصحابة والتابعين وأقوال العلماء المسلمين، وسلط الضوء على هيئة الصلاة عند أغلب المسلمين مستنكرًا من جهة ومستحثا من جهة أخرى أن تكون صلاتنا صلاة حقيقية، أن نسكن (جسديًا) وأن (نخشع) قلبيًا، وقد أورد تعريفًا جميلاً للخشوع ساقه ابن تيميه مستنبطًا إياه من الآيات القرآنية التي ذكرت فيها مفردة (خشعَ).
.
تحدث أيضًا عن (ذكر الله) وقد ابتدأ حديثه باللقاء الأهم على وجه التاريخ، يشير بذلك إلى لقاء نبي الله محمد مع نبي الله إبراهيم صلوات الله عليهما والذي وقع في الأفق الأعلى حين أعرج بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وماذا دار من حوار في هذا اللقاء التاريخي المهم، حيث أوصانا نبي الله إبراهيم بالإكثار من التسبيح والتحميد والتهليل.
.
تحدث أيضًا -في الفصل الأخير- حول النظر في السماء والنجوم، وتوسيع دائرة العلم بالكونيات والذي من شأنه أن يزيد الإيمان واليقين، وقد بدأ حديثه بأحد العلماء الغربيين في مجال الفيزياء والفلك، هو (جيمس جينز) ونقل الرواية التي أدلى بها (عناية الله المشرقي) عن اللقاء والحوار الذي دار بينه وبين جيمس، وكيف أن جيمس تحدث في لحظة خشوع عن عظم هذا الكون وبالتالي عظمة الخالق سبحانه، وكيف انبهر حين سمع بعض الآيات من القرآن الكريم، وشهد أن القرآن من عند الله، وقد أورد هذه القصة وحيد الدين خان في كتابه (الإسلام يتحدى: مدخل علمي إلى الإيمان)
.
ولا نغفل موضوع مهم تطرق إليه الكتاب، وهو بر الوالدين، وقد دخل إليه المؤلف من باب آية (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة) وقد خصص عدد من الصفحات لتفسير وتبيين عبارة (جناح الذل من الرحمة) فأورد أربعة أقوال من علماء كبار، ثم انطلق يتحدث عن بر الآباء والأمهات وبعض المشاهد المؤلمة من واقع المسلمين اليوم، وكيف ينبغي أن نكون.
.
الكتاب خفيف سهل، يمكن إنجازه في عدة جلسات في أيامٍ قلائل، يعيبه كثرة الاستطرادات والإسهاب في بعض المواضع، لكنه يدل على حرقة وألم يعتصر قلب الكاتب، وينبي عن اطلاعٍ واسع وإيمانٍ عميق.
.
شجعني الكتاب لقراءة كتابين، هما:
- تحفة الطالبين في ترجمة الإمام محي الدين، وهو ترجمة للإمام النووي بقلم أحد طلابه المقربين.
- كتاب عن ترجمة ابن تيمية أثنى عليه المؤلف لكني للأسف لم أدون اسمه ولا أتذكر في أي صفحة ذكره، لكنه شجع كثيرا على قراءته.
وهذه بعض الاقتباسات الجميلة من الكتاب:
https://drive.google.com/drive/folders/1Dz3yQwbBE7bKeTqlZWeBsUfb-4tY2O5N?usp=share_link
.
تعليقات
إرسال تعليق